بسم الله الرحمن الرحيم
رأي العلماء في التكرار في القرآن الكريم:
انقسم العلماء تجاه التكرار إلى فريقين:
الأول: نافٍ للتكرار تماماً، فهم يرونه تنويعاً وتشابهاً لا تكراراً.
الثاني: مؤيد له.
خصائص التكرار في القرآن الكريم:
1- التكرار في القرآن ليس تكراراً حرفياً لنفس المعنى، فلكل آية مكررة معنى لا تدل عليه أخرى لو حذفت.
2- أن القصة في القرآن تتكرر في مواضع متعددة مع اختلاف في الأهداف والاستدلال (فمرة تأتي القصة رداً على منكري الألوهية، وأخرى تسلية للنبي عليه الصلاة والسلام لما لحقه من أذى الكفار، وأخرى على التعصب المذموم الذي شارك فيه كفار مكة من سبقهم من الأمم.....) والصياغة وعرض الفكرة.
3- إذا جمعت القصص المتكررة فإنك بضم بعض القصص إلى بعض يجتمع لديك ما لم يجتمع لو أخذت بكل قصة على حدة.
4- التكرار لا يأتي على وجه واحد، بل يختلف في الإيجاز والإطناب، وذكر جوانب في موضع ولا تذكر في آخر.
فوائد تكرار القصص في القرآن الكريم:
1- تقرير المكرر وتوكيده وإظهار العناية به.
2- توضيح المكرر وبيانه.
3- مراعاة حال المخاطبين في المجتمع المكي والمدني.
4- للتهويل.
5- للتعظيم.
6- لشدة الاحتياج وتكرره.
ومن الفوائد التي ذكرها البدر بن جماعة في كتابه " المقتنص في فوائد تكرار القصص" (نقلاً عن الإتقان):
منها: أن الرجل كان يسمع القصة من القرآن ثم يعود إلى أهله ثم يهاجر بعده آخرون يحكون ما نزل بعد صدور من تقدمهم، فلولا تكرار القصص لوقعت قصة موسى إلى قوم وقصة عيسى إلى آخرين وكذا سائر القصص، فأراد الله اشتراك الجميع فيها فيكون فيه إفادة لقوم وزيادة تأكيد لآخرين.
ومنها: أن في إبراز الكلام الواحد في فنون كثيرة وأساليب مختلفة ما لا يخفي من الفصاحة.
ومنها: أنه تعالى أنزل هذا القرآن وعجز القوم عن الإتيان بمثله، ثم أوضح الأمر في عجزهم بأن كرر ذكر القصة في مواضع إعلاماً بأنهم عاجزون عن الإتيان بمثله بأي نظم جاءوا وبأي عبارة عبروا.
ومنها: أنه لما تحداهم قال فأتوا بسورة من مثله فلو ذكرت القصة في موضع واحد واكتفى بها لقال العربي ائتونِ أنتم بسورة من مثله، فأنزلها الله سبحانه وتعالى في تعداد السور فعالجتهم من كل وجه.
ومنها: أن القصة الواحدة لما كررت كان في ألفاظها في كل موضع زيادة أو نقصان وتقديم وتأخير، وأتت على أسلوب غير أسلوب الأخرى، فأفاد ذلك ظهور الأمر العجيب في إخراج المعنى الواحد في صور متباينة في النظر، وجذب النفوس إلى سماعها لما جبلت عليه من حب التنقل في الأشياء المتجددة واستلذاذها بها، وإظهار خاصة القرآن حيث لم يصل مع تكرير ذلك فيه هجنة في اللفظ ولا ملل عند سماعه فباين ذلك كلام المخلوقين.